كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

هذين التوحيدين؛ وأقرب الخلق إلى الله: أقومهم بهما علما وعملا; ولهذا كانت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أقرب الخلق إلى الله؛ وأقربهم إليه وسيلة، أولو العزم؛ وأقربهم الخليلان؛ وخاتمهم: سيد ولد آدم، وأكرمهم على الله، لكمال عبوديته وتوحيده.
فهذان الأصلان هما قطب رحى الدين، وعليهما مداره، وبيانهما من أهم الأمور; والله سبحانه بينهما غاية البيان، بالطرق العقلية والنقلية، والفطرية والنظرية، والأمثال المضروبة؛ ونوع سبحانه الطرق بإثباتهما كل التنويع، بحيث صار معرفة القلوب الصحيحة والفطر السليمة لهما بمنْزلة: رؤية العين المبصرة التي لا آفة بها، للشمس، والقمر، والنجوم، والأرض والسماء، فذلك للبصيرة، بمنْزلة هذه للبصر.
فإن تسلط التأويل على التوحيد الخبري، العلمي كان تسليطه على التوحيد العملي القصدي أسهل، وانمحت رسوم التوحيد، وقامت معالم التعطيل والشرك; ولهذا كان الشرك والتعطيل متلازمين، لا ينفك أحدهما عن صاحبه ; وإمام المعطلين المشركين: فرعون، فهو إمام كل معطل ومشرك إلى يوم القيامة، كما أن إمام الموحدين: إبراهيم، ومحمد عليهما السلام.
وقال أيضا لما ذكر سبب عبادة الأصنام التي صورها قوم نوح، على صور الصالحين; وما زال الشيطان يوحي

الصفحة 223