كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

إلى عباد القبور ويلقي إليهم أن البناء والعكوف عليها، من محبة أهل القبور من الأنبياء والصالحين، وأن الدعاء عندها مستجاب، ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء بالمقبور والإقسام به على الله; فإن شأن الله أعظم من أن يقسم به عليه، أو يسأل بأحد من خلقه; فإذا تقرر ذلك عندهم، نقلهم منه إلى دعائه، وعبادته، وسؤاله الشفاعة، واتخاذ قبره وثنا تعلق عليه القناديل والستور، ويطاف به ويستلم ويقبل، ويحج إليه ويذبح عنده.
فإذا تقرر ذلك عندهم، نقلهم منه إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيدا ومنسكا; ورأوا أن ذلك أنفع لهم في دنياهم وأخراهم؛ وكل هذا قد علم بالاضطرار من دين الإسلام، أنه مضاد لما بعث الله به رسوله (من تجريد التوحيد، وألا يعبد إلا الله.
فإذا تقرر ذلك عندهم، نقلهم منه إلى أن من نهى عن ذلك فقد تنقص أهل الرتب العالية، وحطهم عن منْزلتهم، وزعم أنه لا حرمة لهم، ولا قدر، وغضب المشركون واشمأزت قلوبهم، كما قال تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [سورة الزمر آية: 45] .
وسرى ذلك في نفوس كثير من الجهال والطغام، وكثير ممن ينتسب إلى العلم والدين، حتى عادوا أهل التوحيد ورموهم بالعظائم، ونفروا الناس عنهم، ووالوا أهل

الصفحة 224