كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

الشرك وعظموهم، وزعموا أنهم أولياء الله، وأنصار دينه ورسوله؛ ويأبى الله ذلك {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} [سورة الأنفال آية: 34] . انتهى كلامه، رحمه الله تعالى.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [سورة الحج آية: 73"74] .
فتأمل هذا المثل الذي أمر الناس كلهم باستماعه" فمن لم يسمعه فقد عصى أمره" كيف تضمن إبطال الشرك وأسبابه، بأصح برهان، وأوجز عبارة وأحسنها وأحلاها، وسجل على جميع آلهة المشركين أنهم لو اجتمعوا كلهم في صعيد واحد، وساعد بعضهم بعضا، وعاونه بأبلغ المعاونة، لعجزوا عن خلق ذباب واحد؛ ثم بين ضعفهم وعجزهم عن استنقاذ ما يسلبه الذباب إياه، فأي إله أضعف من هذا الإله المطلوب، ومن عابده الطالب، فهل قدر القوي العزيز حق قدره من أشرك معه آلهة هذا شأنها؟
فأقام سبحانه حجة التوحيد، وبين إفك أهل الشرك والإلحاد، بأعذب الألفاط وأحسنها، لم يعترها غموض، ولم يشبها تطويل، ولم يعبها تعقيد، ولم يزر بها زيادة ولا تنقيص؛ بل بلغت في الحسن والفصاحة والإيجاز، ما لا يتوهم متوهم، ولا يظن ظان، أن يكون أبلغ في معناها منها،

الصفحة 225