كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)
وقد عمت البلوى بهذا الشرك الأكبر، بأرباب القبور والأشجار والأحجار، واتخذوا ذلك دينا، زعموا أن الله يحب ذلك ويرضاه، وهو: الشرك الذي لا يغفره الله، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} الآية [سورة النساء آية: 48] . وقال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [سورة المائدة آية: 72] .
وقال في معنى هذا التوحيد: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [سورة الإسراء آية: 23] ، أي: أمر ووصى; وهذا معنى: لا إله إلا الله; فقوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا} [سورة الإسراء آية: 23] ، هو معنى: لا إله، في كلمة الإخلاص، وقوله: (إلا إياه) ، هو معنى الاستثناء، في لا إله إلا الله، ونظائر هذه الآية في القرآن كثير، كما سنذكر بعضه.
وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [سورة الجن آية: 18] ، وهذا نهي عام يتناول كل مدعو، من ملك، أو نبي، أو غيرهما، فإن: {أَحَداً} [سورة الجن آية: 18] نكرة في سياق النهي، وهي تعم؛ وأمثال هذه الآية كثير، كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} [سورة الجن آية: 20] . وفي حديث معاذ الذي في الصحيحين: " فإن حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا " 1، وفيهما أيضا: " من مات وهو يدعو لله ندا، دخل النار " 2.
وإخلاص العبادة لله تعالى هو: التوحيد الذي
__________
1 البخاري: الجهاد والسير (2856) , ومسلم: الإيمان (30) , والترمذي: الإيمان (2643) , وابن ماجه: الزهد (4296) , وأحمد (3/260 ,5/236 ,5/242) .
2 البخاري: تفسير القرآن (4497) .
الصفحة 227
371