كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

جحده المشركون قديما وحديثا ولما قال رسول الله لقومه وغيرهم من أحياء العرب: " قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا " 1 قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ} [سورة ص آية: 5"7] .
فعرفوا معنى لا إله إلا الله، وأنه توحيد العبادة، لكن جحدوه، كما قال عن قوم هود: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} [سورة الأعراف آية: 70] . وقال تعالى عن مشركي هذه الأمة: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [سورة الصافات آية: 35"36] . عرفوا أن المراد من لا إله إلا الله ترك الشرك في العبادة، وأن يتركوا عبادة ما سواه مما كانوا يعبدونه من ملك، أو نبي، أو شجر، أو حجر، أو غير ذلك.
فإخلاص العبادة لله هو: أصل دين الإسلام الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو سر الخلق، قال تعالى لنبيه: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} [سورة الرعد آية: 36] ، وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [سورة لقمان آية: 22] ، فإسلام الوجه هو: إخلاص الأعمال الباطنة والظاهرة كلها لله تعالى.
وهذا هو توحيد الإلهية، وتوحيد العبادة، وتوحيد القصد
__________
1 أحمد (3/492) .

الصفحة 228