كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

والإرادة; ومن كان كذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى، وهي: لا إله إلا الله; فإن مدلولها نفي الشرك، وإنكاره، والبراءة منه، وإخلاص العبادة لله وحده، وهو معنى قول الخليل عليه السلام: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة الأنعام آية: 79] .
وهذا هو الإخلاص الذي هو دين الله، الذي لم يرض لعباده دينا سواه كما قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [سورة الزمر آية: 2"3] ، والدين هو: العبادة، وقد فسّره أبو جعفر بن جرير في تفسيره بالدعاء; وهو بعض أفراد العبادة، كما في السنن من حديث أنس: " الدعاء مخ العبادة " 1، وحديث النعمان بن بشير: " الدعاء هو العبادة " 2 أي: معظمها، وذلك أنه يجمع من أنواع العبادة، أمورا سنذكرها، إن شاء الله تعالى.
وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} [سورة الزمر آية: 11] . وقال: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} [سورة الزمر آية: 14] . وقال تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سورة غافر آية: 14] . والدعاء في هذه الآية هو الدعاء بنوعيه: دعاء العبادة، ودعاء المسألة.
وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سورة البينة آية: 5] ، والحنيف هو: الراغب عن الشرك، المنكر له؛ وقد فسّره ابن القيم، رحمه الله، بتفسير شامل
__________
1 الترمذي: الدعوات (3371) .
2 الترمذي: تفسير القرآن (3247) , وابن ماجه: الدعاء (3828) .

الصفحة 229