كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، فعبر عن معنى: لا إله، بقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [سورة الزخرف آية: 26] ، وعبر عن معنى: إلا الله، بقوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [سورة الزخرف آية: 27] .
فتبين أن معنى لا إله إلا الله، هو: البراءة من عبادة كل ما سوى الله، وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى، كما تقدم; وهذا واضح بين لمن جعل الله له بصيرة، ولم تتغير فطرته، ولا يخفى إلا على من عميت بصيرته، بالعوائد الشركية، وتقليد من خرج من الصراط المستقيم، من أهل الأهواء والبدع والضلال {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [سورة النور آية: 40] .
وقال تعالى في بيان معناها: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة آل عمران آية: 64] . والمعنى: أي بعض كان من نبي أو غيره، كالمسيح ابن مريم، والعزير، ونحوهما; وفي قوله: {أَلَّا نَعْبُدَ} [سورة آل عمران آية: 64] ، معنى: لا إله، وقوله: إلا الله، هو المستثنى في كلمة الإخلاص.
وهذا التوحيد هو الذي دعا إليه النبي (أهل الكتاب وغيرهم من الإنس والجن، كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة يوسف آية: 108] .

الصفحة 232