كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

وقد قال تعالى في معنى هذه الكلمة عن أصحاب الكهف: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [سورة الكهف آية: 16] ، ففي قوله: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ} [سورة الكهف آية: 16] ، معنى لا إله، وقوله: {إِلَّا اللَّهَ} [سورة الكهف آية: 16] ، هو المستثنى في كلمة الإخلاص، وقال تعالى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا} [سورة الكهف آية: 14] ، إلى قوله: {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً} [سورة الكهف آية: 14] . فتقرر بهذا أن الإلهية هي: العبادة ; وأن من صرف شيئا لغير الله فقد جعله لله ندا، والقرآن كله في تقرير معنى لا إله إلا الله، وما تقتضيه وما تستلزمه، وذكر ثواب أهل التوحيد وعقاب أهل الشرك.
ومع هذا البيان الذي ليس فوقه بيان، كثر الغلط في المتأخرين من هذه الأمة في معنى هذه الكلمة، وسببه: تقليد المتكلمين الخائضين فظن بعضهم أن معنى لا إله إلا الله: إثبات وجود الله تعالى، ولهذا قدروا الخبر المحذوف في: لا إله إلا الله، وقالوا: لا إله موجود، إلا الله ; ووجوده تعالى قد أقر به المشركون الجاحدون لمعنى هذه الكلمة. وطائفة ظنوا أن معناها: قدرته على الاختراع.
وهذا معلوم بالفطرة، وما يشاهد من عظيم مخلوقات الله تعالى كخلق السماوات والأرض، وما فيهما من عجائب المخلوقات; وبه استدل الكليم موسى عليه الصلاة والسلام على فرعون، لما قال: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [سورة الشعراء آية:

الصفحة 233