كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

23"26] .
وفي سورة بني إسرائيل: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [سورة الإسراء آية: 102] . ففرعون يعرف الله، ولكن جحده مكابرة وعنادا.
وأما غير فرعون من أعداء الرسل، من قومهم، ومشركي العرب، ونحوهم، فأقروا بوجود الله تعالى وربوبيته، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} . [سورة الزخرف آية: 9] . وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [سورة الزخرف آية: 87] ، فلم يدخلهم ذلك في الإسلام، لما جحدوا ما دلت عليه لا إله إلا الله من إخلاص العبادة بجميع أفرادها لله وحده.
وفي الحديث الصحيح: " من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار " 1، وتقدم قول قوم هود: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} [سورة الأعراف آية: 70] ، دليل على أنهم أقروا بوجوده وربوبيته، وأنهم يعبدونه، لكنهم أبوا أن يجردوا العبادة لله وحده دون آلهتهم التي كانوا يعبدونها معه.
فالخصومة بين الرسل وأممهم، ليست في وجود الرب، وقدرته على الاختراع فإن الفطر والعقول دلتهم على وجود الرب، وأنه رب كل شيء ومليكه، وخالق كل شيء، والمتصرف في كل شيء; وإنما كانت الخصومة في ترك ما كانوا يعبدونه من دون الله، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ
__________
1 البخاري: تفسير القرآن (4497) .

الصفحة 234