كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

وقد اشتهر عنه بأخبار الثقات أنه يقول: عبد القادر في قبره، يسمع، ومع سمعه ينفع؛ وما يشعره أنه في قبره الآن رفات، كحال الأموات، وهذا قول شنيع، وشرك فظيع; ألا ترى أن الحي الذي قد كملت قوته، وصحت حاسة سمعه وبصره، لو ينادى من مسافة فرسخ أو فرسخين، لم يمكنه سماع نداء من ناداه; فكيف يسمع ميت من مسافة شهر أو شهرين، أو دون ذلك أو أكثره، وقد ذهبت قوته، وفارقته روحه، وبطلت حواسه؟ هذا من أعظم ما تحيله العقول، وتنكره الفطر.
وفي كتاب الله (ما يبطله، قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [سورة فاطر آية: 13"14] ، فأخبر الخبير جل وعلا أن سماعهم ممتنع، واستجابتهم لمن دعاهم ممتنعة.
فهؤلاء المشركون لما استغرقوا في الشرك، ونشؤوا عليه، أتوا في أقوالهم بالمستحيل، ولم يصدقوا الخبير في إخباره، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [سورة فاطر آية: 13] ، فذكره تعالى أنهم أموات دليل على بطلان دعوتهم، وكذلك عدم شعورهم، يبين تعالى بهذا جهل المشرك، وضلاله، فأحق في كتابه

الصفحة 236