كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

وقد تضمنت معارضتهم أيضا مسبة من دعا إلى التوحيد وأنكر الشرك، أسوة أعداء الرسل، كقوم نوح إذ قالوا: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سورة الأعراف آية: 60] ، وقال قوم هود: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [سورة الأعراف آية: 66] ، وقول من قال من مشركي العرب، للنبي: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً} [سورة الفرقان آية: 4] ، فالظلم والزور في كلام هؤلاء المنكرين للتوحيد أمر ظاهر، يعرفه كل عاقل منصف، فقد تناولت مسبتهم: كل من دعا إلى الإسلام وعمل به، من الأولين والآخرين، كما أن من كذب رسولا، بما جاء به من الحق، فقد كذب المرسلين، كما ذكره الله تعالى في قصص الأنبياء؛ فمن أنكر ما جاءت به الرسل، فهو عدو لهم.
الأمر الرابع: وتضمنت معارضتهم أيضا الكذب، والإفك، والبهتان، وزخرف القول في ذلك، أسوة أعداء الرسل، الذين قال الله فيهم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} [سورة الأنعام آية: 112] ، فهذه حال كل داعية إلى الشرك بالله، في عبادته، من الأولين والآخرين، فإذا تأمل اللبيب ما زخرفوه وأتوا به من الفشر والأكاذيب، وجدها كما قال تعالى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}

الصفحة 241