كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله " 1، وفي حديث آخر: " صدقا من قلبه " "، خالصا من قلبه " 2 مستيقنا بها قلبه، غير شاك، فلا تنفع هذه الكلمة قائلها إلا بهذه القيود، إذا اجتمعت له مع العلم بمعناها ومضمونها، كما قال تعالى: {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة الزخرف آية: 86] . وقال تعالى لنبيه (: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [سورة محمد آية: 19] ، فمعناها يقبل الزيادة، لقوة العلم، وصلاح العمل.
فلا بد من العلم بحقيقة معنى هذه الكلمة، علما ينافي الجهل، بخلاف من يقولها وهو لا يعرف معناها ولا بد من اليقين المنافي للشك، فيما دلت عليه من التوحيد؛ ولا بد من الإخلاص المنافي للشرك، فإن كثيرا من الناس يقولها وهو يشرك في العبادة، وينكر معناها، ويعادي من اعتقده وعمل به؛ ولا بد من الصدق المنافي للكذب، بخلاف حال المنافق الذي يقولها من غير صدق، كما قال تعالى: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [سورة الفتح آية: 11] ؛ ولا بد من القبول المنافي للرد، بخلاف من يقولها ولا يعمل بها ولا بد من المحبة لما دلت عليه من التوحيد والإخلاص، وغير ذلك، والفرح بذلك، المنافي لخلاف هذين الأمرين ولا بد من الانقياد بالعمل بها وما دلت عليه مطابقة، وتضمنا، والتزاما. وهذا هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا سواه.
__________
1 البخاري: الصلاة (425) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (33) .
2 البخاري: العلم (99) , وأحمد (2/373) .

الصفحة 244