كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

الذي لا تصلح الإلهية إلا له وحده، فانتفت الإلهية وبطلت في حق كل ما سوى الله والقرآن يبين بعضه بعضا ويفسره، والرسل إنما يفتتحون دعوتهم بمعنى لا إله إلا الله: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف آية: 59] ، {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف آية: 65] .
فتبين أن الإلهية هي: العبادة، ولهذا قال قوم هود لما قال: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف آية: 59] ، {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [سورة الأعراف آية: 70] . فتبين بالآية أنهم لم يستنكفوا من عبادة الله، لكنهم أبوا أن يخلصوا العبادة لله وحده، فلم ينفوا ما نفته لا إله إلا الله، فاستوجبوا ما وقع بهم من العذاب، لعدم قبولهم ما دعاهم إليه من إخلاص العبادة، كما قال تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} [سورة الأحقاف آية: 21] ، وهم الرسل جميعهم {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [سورة هود آية: 2] . وهذا هو معنى كلمة الإخلاص الذي اجتمعت عليه الرسل.
فقوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا} [سورة هود آية: 2] ، هو معنى: "لا إله"، وقوله {إِلَّا اللَّهَ} [سورة هود آية: 2] ، هو المستثنى في كلمة الإخلاص; فهذا هو تحقيق معناها بحمد الله; وإنذار الرسل جميعهم أممهم عن الشرك في العبادة، وأن يخلصوها لله وحده لا شريك له ; فما ذكرناه في هذه الآيات في معناها، كافٍ، وافٍ، شافٍ; ولله

الصفحة 248