كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

الحمد والمنة.
وأما تعريف العبادة، فقد قال العلامة ابن القيم، رحمه الله في الكافية الشافية:
وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالأمر أمر رسوله ... لا بالهوى والنفس والشيطان
فذكر أصل العبادة التي يصلح العمل مع حصولها، إذا كان على السنة، فذكر قطبيها، وهما: غاية المحبة لله، في غاية الذل له؛ والغاية تفوت بدخول الشرك وبه يبطل هذا الأصل، لأن المشرك، لا بد أن يحب معبوده، ولا بد أن يذل له، ففسد الأصل بوجود الشرك فيه؛ ولا تحصل الغاية فيهما إلا بانتفاء الشرك، وقصر المحبة والتذلل لله وحده، وبهذا تصلح جميع الأعمال المشروعة، وهي المراد بقوله: وعليهما فلك العبادة دائر، والدائر هي الأعمال، ولا تصلح إلا بمتابعة السنة.
وهذا معنى قول الفضيل بن عياض رحمه الله، في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [سورة هود آية: 7] ، قال: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه، وأصوبه; قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل وإذا كان صوابا، ولم يكن خالصا، لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا; والخالص: ما كان لله، والصواب: ما كان

الصفحة 249