كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

لا يجتمعان، فيمتنع الجمع بينهما.
الثاني: أن لا النافية للجنس لها اسم وخبر، ولا بد، فلا تتم فائدة اسمها إلا بخبرها، والخبر الجزء المتم للفائدة، ف "لا" حرف نفي، و"إله" اسمها، مبني معها على الفتح، والخبر المقدر، وهو " حق " على الصحيح، كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} [سورة الحج آية: 6] ، والخبر وصف في المعنى، قيد في الاسم، وقد خص من الإلهية ما ليس بحق، وفائدته: إخراج الإله الحق من المنفي، لتخصيص المنفي بانتفاء حقيقته، وهذا ظاهر لمن له أدنى فهم، فالاستثناء من الخبر، المقيد في حقيقة المستثنى، وهو الله تعالى، دون ما يعبد من دونه، وكل ما يعبد من دونه هو المنفي بحرف النفي، فيكون النفي منصبا على كل مألوه ليس بحق، وأما الحق فثابت لم ينتف، بدليل الوصف المثبت له.
الثالث: أن الآية، وهي قوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [سورة الزخرف آية: 26] ، {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [سورة الزخرف آية: 27] ، {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [سورة الزخرف آية: 28] ، فأتى بمعناها، نفيا وإثباتا، فيجري في مدلولها ما جرى في الدال، وهو: لا إله إلا الله، فلا يجوز في قلب مسلم أن يعتقد أن إبراهيم عليه السلام، تبرأ من معبوده، الذي فطره، بقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ} [سورة الزخرف آية: 26] ، ثم أثبته بقوله (إلا) ، هذا لا يقع اعتقاده من مسلم عرف هذه الكلمة ومعناها.

الصفحة 257