كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

من معبوداتهم رب العالمين، لأنهم كانوا يعبدون الله، لكنهم يعبدون معه الأصنام.
فاستثنى المعبود الحق الذي لا تصلح العبادة إلا له، فأخبر تعالى أنه قال لقومه: {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ [سورة الصافات آية: 86] . وأخبر عنه أنه قال لقومه: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [سورة الزخرف آية: 26"28] ، وهي: "لا إله إلا الله" بإجماع أهل الحق، فعبر عنها بالبراءة من معبوداتهم التي كانوا يعبدونها في الخارج؛ فقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [سورة الزخرف آية: 26] ، هو معنى النفي في قوله: "لا إله" وقوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} [سورة الزخرف آية: 27] ، هو معنى: " إلا الله ". وهذا كاف في البيان لمثلك، الذي قد عرفه الله معنى لا إله إلا الله.
وهذا المعنى في هذه الكلمة يعرفه حتى المشركون، كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} الآية [سورة الصافات آية: 35] . عرفوا أن "لا إله إلا الله"، علم على ترك عبادة آلهتهم التي كانوا يعبدونها، من أوثانهم وأصنامهم، وكل الفرق يعرفون معناها، حتى أعداء الرسل، كما قالت عاد: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [سورة الأعراف آية: 70] ، عرفوا على شدة كفرهم أنه أراد منهم ترك عبادة ما كان يعبده آباوهم، فتبين بهذا أن "لا إله إلا الله"، نفت كل ما كان يعبد من دون الله من صنم ومن وثن، من حين حدوث الشرك في قوم نوح إلى أن تقوم

الصفحة 260