كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل آية: 36] ، والطاغوت: ما تجاوز به العبد حده، من معبود، أو متبوع، أو مطاع.
وكلما ازداد العبد تدبرا لما ذكره الله تعالى في كتابه، من أنواع العبادة التي يحبها الله من عبده ويرضاها، عرف أن من صرف شيئا منها لغير الله فقد أشرك، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} الآية [سورة الكهف آية: 110] ، ويجمع أنواع العبادة تعريفها بأنها: كل ما يحبه الله ورسوله، من الأقوال والأعمال، الظاهرة والباطنة.
إذا فهمتم ذلك وعقلتموه، علمتم أن من المصائب في الدين ما يقع اليوم من كثير ممن يدعي الإسلام، مع هؤلاء الذين يأتونهم من أهل الشمال، وهم يعلمون أن الأوثان التي تعبد، وتقصد بأنواع العبادة، موجودة في بلادهم، وأن الشرك يقع عندهم، من الأقوال، والأعمال، ولا يحصل منهم نفرة ولا كراهة له; مثل هؤلاء الذين لا يعرف منهم أنهم عرفوا ما بعث الله به رسوله من توحيده، ولا أنكروا الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، بل الواقع منهم إكرامهم وإعظامهم، بل زوجوهم نساءهم، فأي موالاة أعظم من هذا؟! وأي ركون أبين من هذا؟ أين العداوة لهم والبغضاء؟ هل كان ذلك الذي شرع الله وأوجبه على عباده، خاصا بأناس كانوا فبانوا؟ والناس بعد أولئك القرون

الصفحة 269