كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

فأجاب: من المعلوم أن كثيرا من العلماء من المحدثين والفقهاء، إنما كان دأبهم طلب ما هو الأهم، والنحو، إنما يراد لغيره، فيأخذ الرجل منه ما صلح لسانه ; فانشر ما علمت من العلم، خصوصا علم التوحيد، الذي هو في الآيات المحكمات كالشمس في نحر الظهيرة، لمن رغب فيه وأحبه وأقبل عليه.
وقد عرفت أن كتمان العلم مذموم، بالكتاب والسنة، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [سورة البقرة آية: 159] . وقد أرشد الله تعالى عباده إلى تدبر كتابه، وذم من لم يتدبره، وقد قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة العنكبوت آية: 51] .
وأخبر عن جن نصيبين، أنهم لما سمعوا قراءة النبي للقرآن بوادي نخلة، منصرفه من الطائف: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} الآية [سورة الأحقاف آية: 29"30] ، وأخبر تعالى عنهم، في سورة الجن أنهم أنكروا الشرك الذي كان يفعله الإنس مع الجن، من الاستعاذة بهم، إذا نزلوا واديا.
وأخبر تعالى عن هدهد سليمان، أنه أنكر الشرك،

الصفحة 276