كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

الذي لا كمال له إلا به، أن تكون حركاته موافقة لما يحبه الله ويرضاه، ولهذا جعل اتباع رسله دليلا على محبته، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة آل عمران آية: 31] .
قال بعض العلماء: المحب الصادق إن نطق نطق بالله، وإن سكت سكت لله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكن فسكونه استعانة على مرضاة الله، فهو لله وبالله، ومع الله ; ومعلوم أن صاحب هذا المقام أحوج خلق الله إلى العلم، فإنه لا تتميز له الحركة المحبوبة لله من غيرها، ولا السكون المحبوب له من غيره، إلا بالعلم، فليست حاجته إلى العلم كحاجة من طلب العلم لذاته، لأنه في نفسه صفة كمال، بل حاجته إلى العلم، كحاجته إلى الطعام والشراب.
ولهذا اشتدت وصاة شيوخ العارفين لمريديهم بالعلم وطلبه، وأن من لم يطلب العلم لم يفلح، حتى كانوا يعدون من لا علم له من السفلة؛ قال ذو النون" وقد سئل عن السفلة" فقال: من لا يعرف الطريق إلى الله تعالى، ولا يتعرفه.
وقال أبو يزيد: لو نظرتم إلى الرجل وقد أعطي من الكرامات حتى يترفع في الهواء، فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود، ومعرفة الشريعة. وقال أبو حمزة: من علم طريق الحق، سهل عليه سلوكه; ولا دليل إلى الله، إلا بمتابعة

الصفحة 278