كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

[سورة الإسراء آية: 23] .
قال العلماء رحمهم الله تعالى: قضى: وصى، وقيل: أمر، وهما بمعنى واحد.
وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} [سورة الزمر آية: 11"12] . والإسلام هو: الإخلاص، لأنه شرط لكل عمل، وكل عمل مفتقر إليه، وقد فسره علماء السلف بالإخلاص، كما في قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [سورة البقرة آية: 112] ، وقوله: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [سورة لقمان آية: 22] . قالوا: إسلام الوجه: الإخلاص، والإحسان، والمتابعة؛ والقرآن من أوله إلى آخره، وكذلك السنة، في تقرير هذين الأصلين.
ومن تدبر سيرة النبي قبل هجرته، وبعدها، وما كان عليه الصحابة، والتابعون، وأتباعهم، والأئمة، عرف حقيقة دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، وتبين له كثرة المنحرفين عنه في هذه الأزمنة، وقبلها، فإن الأمة بعد القرون الثلاثة افترقت على ثلاث وسبعين فرقة، وذلك بعد ظهور دول الأعاجم، والقرامطة في المشرق; وبني عبيد القداح في مصر والمغرب، وظهرت الفلسفة، وغيرها من أصول البدع، وظهر الشرك.
وكل قرن ينحل فيه عقد الإسلام، حتى اشتدت الغربة، وعظم الافتراق، وعاد المعروف منكرا، والمنكر معروفا، ونشأ

الصفحة 283