كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

والنصارى؟ قال فمن ;" 1 يعني أنهم هم المراد، ولهذا قال سفيان بن عيينة، رحمه الله: من فسد من علمائنا، ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا، ففيه شبه من النصارى ; هذا وهو في القرن الثاني من القرون الثلاثة المفضلة، فما الظن بمن. بعدهم من القرون التي فيها هؤلاء الخلوف، الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، بنص الحديث؟ وفي حديث أنس مرفوعا: " لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم 2 سمعته من نبيكم ".
ولهذا لما اشتدت غربة الإسلام في هذه الأزمان وقبلها، عاد الأمر إلى: أن من دعا بدعوى المرسلين، وقال: لا يعبد إلا الله، ولا يدعى إلا هو، ولا يتوكل إلا عليه، قيل له: تنقصت الأنبياء والصالحين ; فأشبهوا من قال الله فيهم: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [سورة الزمر آية: 45] .
وقد أمر الله تعالى بإخلاص العبادة له في مواضع كثيرة، من كتابه، ونهى نبيه (وأمته أن يدعوا أحدا من دونه، فقال: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} الآية [سورة يونس آية: 106] .
وقال: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} [سورة الشعراء آية: 213] ، وقال: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ
__________
1 البخاري: أحاديث الأنبياء (3456) , ومسلم: العلم (2669) , وأحمد (3/84 ,3/89) .
2 البخاري: الفتن (7068) , والترمذي: الفتن (2206) , وأحمد (3/179) .

الصفحة 285