كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [سورة الإسراء آية: 56"57] . نزلت هذه الآيات فيمن يدعو: المسيح بن مريم وأمه، وعزيرا، والملائكة، على الصحيح من أقوال المفسرين; وعليه أكثرهم. يقول الله: هؤلاء عبيدي كما أنتم عبيدي، يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي.
ولا ريب أن المسيح بن مريم والملائكة أحياء، لكنهم غافلون عمن دعاهم، ولا يستجيبون لهم بشيء، وأما العزير ومريم فقد ماتا، فلا يدعى ميت ولا غائب: فبطل بهذه الآية كل ما ادعاه المشركون في معبوديهم، كقولهم: ندعوهم؛ لأن لهم صلاحا، وترجى شفاعتهم. ونظائر هذه الآية، في القرآن كثير في الرد على من دعا الأنبياء والصالحين والملائكة ونحوهم.
ومع هذا البيان، فلا بد من وجود من يجادل في آيات الله، كما قال تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} الآية [سورة غافر آية: 4"5] . وقال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ

الصفحة 287