كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

ملة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي: حقيقة الإسلام {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سورة آل عمران آية: 85] ، وهي ملة إبراهيم التي من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [سورة البقرة آية: 130] .
وقد تظاهرت دلائل الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، على اشتراط الإخلاص للأعمال والأقوال الدينية، وأن الله لا يقبل منها إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه، ولهذا كان السلف الصالح يجتهدون غاية الاجتهاد في تصحيح نياتهم، ويرون الإخلاص أعز الأشياء وأشقها على النفس، وذلك لمعرفتهم بالله وما يجب له، وبعلل الأعمال وآفاتها، ولا يهمهم العمل لسهولته عليهم; وإنما يهمهم سلامة العمل وخلوصه من الشوائب المبطلة لثوابه، والمنقصة له.
قال الإمام أحمد رحمه الله: (أمر النية شديد) . وقال سفيان الثوري: "ما عالجت شيئا، أشد علي من نيتي لأنها تتقلب علي". وقال يوسف بن إسباط: "تخليص النية من فسادها، أشد على العاملين من طول الاجتهاد". وقال سهل بن عبد الله: "ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص، ولأنه ليس لها فيه نصيب". وقال يوسف بن الحسين: (أعز شيء في الدنيا: الإخلاص، وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي،

الصفحة 294