كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [سورة المؤمنون آية: 84"85] الآيات، وقال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [سورة يوسف آية: 106] . قال ابن عباس: (تسألهم من خلق السماوات والأرض; فيقولون: الله; وهم مع هذا، يعبدون غيره) .
وهذا التوحيد من التوحيد الواجب، لكن لا يحصل به الواجب، ولا يخلص بمجرده عن الإشراك الذي هو أكبر الكبائر، الذي لا يغفره الله، بل لا بد أن يخلص لله الدين، فلا يعبد إلا إياه، فيكون دينه لله. والإله، هو: المألوه، الذي تألهه القلوب; فهو إله بمعنى مألوه لا بمعنى أله. انتهى.
وقد دل صريح القرآن على معنى الإله، وأنه هو المعبود، كما في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [سورة الزخرف آية: 26"28] ، قال المفسرون: هي كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، {بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [سورة الزخرف آية: 28] ، أي: ذريته ; قال قتادة: لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده; والمعنى: جعل هذه الموالاة، والبراءة من كل معبود سواه، كلمة باقية في ذرية إبراهيم، يتوارثها الأنبياء وأتباعهم، بعضهم عن بعض، وهي كلمة: لا إله إلا الله.
فتبين: أن موالاة الله بعبادته والبراءة من كل معبود سواه، هو معنى لا إله إلا الله. إذا تبين ذلك، فمن صرف لغير الله شيئا من أنواع العبادة المتقدم تعريفها، كالحب،

الصفحة 298