كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [سورة البقرة آية: 256] .
والطاغوت: اسم لكل معبود سوى الله، كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل آية: 36] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله، ودمه، وحسابه على الله " 1، فقوله: "وكفر بما يعبد من دون الله" الظاهر: أن هذا زيادة إيضاح; لأن لا إله إلا الله، متضمنة الكفر بما يعبد من دون الله.
ومن قال: لا إله إلا الله، ومع ذلك يفعل الشرك الأكبر، كدعاء الموتى والغائبين، وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والتقرب إليهم بالنذور، والذبائح، فهذا مشرك، شاء أم أبى، و {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء آية: 48] ، و {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [سورة المائدة آية: 72] ، ومع هذا فهو شرك، ومن فعله فهو كافر.
ولكن كما قال الشيخ: لا يقال فلان كافر، حتى يبين له ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإن أصر بعد البيان، حكم بكفره، وحل دمه وماله; وقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [سورة الأنفال آية: 39] ، أي: شرك {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [سورة الأنفال آية: 39] . فإذا كان في بلد وثن يعبد من دون الله، قوتلوا لأجل هذا
__________
1 مسلم: الإيمان (23) , وأحمد (3/472 ,6/394) .

الصفحة 313