كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

ومرغب في إسلام الوجه لله، والإنابة إليه، والتوكل عليه، والتبتل في عبادته؛ ومعنى العبادة في أصل اللغة لمطلق الذل والخضوع، ومنه: طريق معبد إذا كان مذللا، قد وطأته الأقدام، كما قال الشاعر:
تبارى عتاقا ناجيات واتبعت ... وظيفا وظيفا فوق مور معبد
واستعملها الشارع في العبادة الجامعة لكمال المحبة، وكمال الذل والخضوع. وأوجب الإخلاص له فيها، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [سورة الزمر آية: 2"3] . وهذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب. والعبادة إذا خالطها الشرك، أفسدها، وأبطلها; ولا تسمى عبادة، إلا مع التوحيد؟ قال ابن عباس: "ما جاء في القرآن من الأمر بعبادة الله إنما يراد به التوحيد". انتهى.
ويدخل في العبادة الشرعية كل: ما شرعه الله ورضيه، من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة، كمحبة الله، وتعظيمه، وإجلاله، وطاعته، والتوكل عليه، والإنابة إليه، ودعائه خوفا وطمعا، وسؤاله رغبا ورهبا، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهود، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجار واليتيم والمملوك والمسكين وابن السبيل، وكذا النحر والنذر، فإنهما من أجل العبادات وأفضل الطاعات، وكذا الطواف ببيته تعالى، وحلق الرأس تعظيما وعبودية، وكذا سائر الواجبات

الصفحة 318