كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

والمستحبات.
فحق الله على العباد: أن يعبدوه وحده لا شريك له، ولا يشركوا به شيئا والشرك في العبادة ينافي هذا التوحيد ويبطله، كما قال تعالى، لما ذكر حال خواص أوليائه ومقربي رسله: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة الأنعام آية: 88] . والشرك قد عرفه النبي صلى الله عليه وسلم بتعريف جامع، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك " 1، والند: المثل والشبيه.
فمن صرف شيئا من العبادات لغير الله، فقد أشرك به، شركا يبطل التوحيد وينافيه، لأنه شبه المخلوق بالخالق، وجعله في مرتبته، ولهذا كان أكبر الكبائر على الإطلاق، ولما فيه من سوء الظن به تعالى، كما قال الخليل عليه السلام: {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الصافات آية: 86"87] .
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أي: فما ظنكم أن يجازيكم إذا لقيتموه، وقد عبدتم غيره؟ وما ظننتم بأسمائه وصفاته، وربوبيته من النقص، حتى أحوجكم ذلك إلى عبودية غيره؟ فلو ظننتم به ما هو أهله، من أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه غني عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، وأنه قائم بالقسط على خلقه، وأنه المتفرد
__________
1 البخاري: الأدب (6001) , ومسلم: الإيمان (86) , والترمذي: تفسير القرآن (3182 ,3183) , والنسائي: تحريم الدم (4013 ,4014 ,4015) , وأبو داود: الطلاق (2310) , وأحمد (1/431 ,1/434 ,1/462 ,1/464) .

الصفحة 319