كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

العلى، فمن أجل ذلك كان الشرك أبغض الأشياء إليه، لأنه ينقص هذه المحبة، والخضوع، والإنابة، والتعظيم، ويجعل ذلك بينه وبين من أشرك به.
والله لا يغفر أن يشرك به، لأنه يتضمن التسوية بينه تعالى وبين غيره في المحبة والتعظيم، وغير ذلك من أنواع العبادة، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [سورة البقرة آية: 165] ، أخبر سبحانه أن من أحب شيئا دون الله كما يحب الله فقد اتخذه ندا، وهذا معنى قول المشركين لمعبوديهم: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الشعراء آية: 97"98] ، فهذه تسوية في المحبة والتأله، لا في الذات والأفعال والصفات؛ فمن صرف ذلك لغير إلهه الحق، فقد أعرض عنه، وأبق عن مالكه وسيده، فاستحق مقته وبغضه، وطرده عن دار كرامته ومنزل أحبابه.
والمحبة: ثلاثة أنواع: محبة طبيعية، كمحبة الجائع للطعام، والظمآن للماء، وغير ذلك، وهذا لا يستلزم التعظيم.
والنوع الثاني: محبة رحمة وإشفاق، كمحبة الوالد لولده الطفل، ونحوها، وهذه أيضا لا تستلزم التعظيم.
والنوع الثالث: محبة أنس وألفة، وهي محبة المشتركين في صناعة، أو علم، أو مرافقة، أو تجارة، أو سفر، بعضهم لبعض، وكمحبة الإخوة بعضهم بعضا. فهذه المحبة التي تصلح للخلق بعضهم من بعض، ووجودها فيهم لا يكون

الصفحة 321