كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

وسئل أيضًا الشيخ: ٍعبد اللطيف بن عبد الرحمن، رحمهما الله تعالى، عن تفصيل ما يجب على الإنسان من التوحيد وأنواعه، وما يجب فيه، من المعاداة والموالاة؟
فأجاب: معرفة التفاصيل تتوقف على معرفة الأحكام الشرعية، من أدلتها التفصيلية. فالدين كله توحيد، لأن التوحيد إفراد الله بالعبادة، وأن تعبده مخلصا له الدين; والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الظاهرة والباطنة فيدخل في ذلك قول القلب وعمله، وقول اللسان، وعمل الجوارح؛ وترك المحظورات والمنهيات داخل في مسمى العبادة، ولذلك فسر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة آية: 21] ، بالتوحيد في العبادة، لأن الخصومة فيه، وهو تفسير ابن عباس.
إذا عرفت هذا، عرفت أن على العبد أن يخلص أقواله وأعماله لله؛ وأن من صرف شيئا من ذلك لغيره فقد أشرك في عبادة ربه، ونقص توحيده وإيمانه، وربما زال بالكلية إذا اقتضى شركه التسوية بربه، والعدل به، وتضمن مسبة الله; فإن الشرك الأكبر يتضمنهما، ولهذا ينزه الرب تعالى، ويقدس نفسه عن ذلك الشرك في مواضع من كتابه، كقوله تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة القصص آية: 68] ، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

الصفحة 324