كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

بسم الله الرحمن الر حيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى; وبعد: فقد خاض بعض الجاهلين في معنى كلمة الإخلاص وإعرابها، وأتى بخلط وجهل لا يسع السكوت عليه؛ فنقول: اعلم أن لا إله إلا الله هي كلمة التقوى، والعروة الوثقى، وأصل دين الإسلام، ومفتاح دار السلام; قد دلت بمنطوقها وموضوعها على نفي استحقاق الإلهية عن غيره تعالى، والبراءة من كل معبود سواه، قولا وفعلا، وإثبات استحقاق الإلهية على وجه الكمال لله تعالى.
فالأول: وهو النفي، يستفاد من: لا واسمها وخبرها المقدر؛ والإثبات: يستفاد من الاستثناء، لأن الإثبات بعد النفي المتقدم أبلغ من الإثبات بدونه؛ وهذه طريقة القرآن، يقرن بين النفي والإثبات غالبا، كما في هذا الموضع، لأن المقصود لا يحصل إلا بهما، قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} [سورة البقرة آية: 256] ، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل آية: 36] . وقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [سورة الإسراء آية: 23] ، وقال: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [سورة هود آية: 1"2] ، وقال عن نبيه يوسف: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [سورة يوسف آية: 40] ، وهذا هو معنى: لا إله إلا الله.

الصفحة 326