كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

قال ابن القيم رحمه الله: وطريقة القرآن في مثل هذا، أن يقرن النفي بالإثبات، فينفي عبادة ما سوى الله، ويثبت عبادته: وهذا هو حقيقة التوحيد، والنفي المحض ليس بتوحيد، وكذلك الإثبات بدون النفي؛ فلا يكون التوحيد، إلا متضمنا للنفي والإثبات، وهذا حقيقة لا إله إلا الله. انتهى.
ولذلك أفادت هذه الكلمة، الحصر والاختصاص؛ وقرر بعض المحققين لهذه الكلمة الطيبة، وما شابهها من الآيات التي ابتدأت بنفي الإلهية والعبادة عن غير الله، أن ذلك أبلغ وآكد في الإثبات والاختصاص; ومنه: لا رجل إلا زيد، أو: لا كريم إلا زيد، فإنه مع إفادته نفي الصفة عن غير المستثنى، أفاد إثباتها له على وجه الكمال الذي لا يتأتى بمجرد الإثبات، من غير نفي، فلا تقيده: زيد رجل; أو زيد كريم; ولأن بين النفي والإثبات هنا تلازم من كل وجه، فلا براءة من الشرك وعبادة غير الله إلا بتوحيده، ولا توحيد إلا بالبراءة من كل معبود سوى الله؛ وكما تضمنت العلم، فهي تتضمن العمل؛ ولا يتصور وجود شهادة، وإذعان وإتيان بمدلولها إلا مع العلم والعمل، وهذا الذي قررناه تدل عليه عبارات أهل العلم، من اللغويين والمفسرين وغيرهم.
والإله وضع لكل معبود، حقا كان أو باطلا، لأنه مشتق من الإلهة، بمعنى: العبادة، قال في القاموس: أله، يأله، إلهة، وألوهية: عبد، يعبد، عبادة; وكل من عبد شيئا، فقد اتخذه إلها. انتهى، وقال غيره: إله، اسم

الصفحة 327