كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

عِزّاً} [سورة مريم آية: 81] ، وقال: {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} [سورة الصافات آية: 86] ، وقال عن صاحب يس: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} [سورة يس آية: 23] ، فسمى معبوداتهم على اختلاف أجناسها آلهة؛ وعبادة غير الله وجدت وانتشرت، واشتهرت في الأرض، من عهد قوم نوح، وقد تقدم أن من عبد شيئا، فقد اتخذه إلها؛ ويدل عليه، قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [سورة الكافرون آية: 1] .
وقد غلط هنا بعض الأغبياء، وقدر الخبر: "موجود"، وبعضهم قدره: "ممكن"، ومعناه: أنه لا يوجد، ولا يمكن وجود إله آخر، وهذا جهل بمعنى الإله; ولو أريد بهذا الاسم الإله الحق وحده، لما صح النفي من أول وهلة؛ والصواب: أن يقدر الخبر: "حق"، لأن النزاع بين الرسل وقومهم في كون آلهتهم حقا أو باطلا، قال تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سورة سبأ آية: 24] ، وأما إلهية الله فلا نزاع فيها، ولم ينفها أحد ممن يعترف بالربوبية.
لكن زعموا أن إلهية أندادهم وأصنامهم، حق أيضا، ولذلك قالت لهم رسلهم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف آية: 59] ؛ وبادر منهم من جحد ذلك بقوله: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} [سورة ص آية: 5] ، لما دعي إلى هذه الكلمة، فأنكروا إبطال عبادتها المستلزم لإبطال تسميتها، وهذا مستفيض عندهم، قد ارتاضت به

الصفحة 329