كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

فهم دخول المثبت في المنفي، والمستثنى في المستثنى منه; فكيف يتوهم من يعقل ما يقول دخول الإله الحق في اسم: "لا" المنفي؟! وهل بعد هذا التوهم من الضلال، أمد ينتهي إليه؟ وقد ترد "إلا" بمعنى: غير، كما في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [سورة الأنبياء آية: 22] ، وذلك إذا كان الموصوف جمعا أو شبهه، ويؤيده حديث الاستفتاح: "سبحانك اللهم وبحمدك.... ولا إله غيرك" وعاقبت "غير" "إلا" في هذا المحل، وهي تفيد مغايرة ما قبلها لما بعدها بالذات، كما إذا قلت: جاءني رجل غير زيد، وفي الصفات، كقولك: خرجت بوجه غير الذي دخلت.
إذا عرفت ذلك، فاعلم أنه رفع إلي رسالة لرجل فارسي تكلم فيها على معنى: لا إله إلا الله، وأتى بخلط وضلال، يخالف ما عليه أهل العلم في هذا المقام، من ذلك: أنه افتتح رسالته بقوله: الحمد لله المتوحد بجميع الجهات، وهذه العبارة دائرة بين أمرين: إما سوء المعتقد، والقول بأنه تعالى في كل مكان، كما هو قول أهل الحلول، وإما الجهل بالعربية ومعاني الحروف، ولا يقال إن "الباء" بمعنى "من" لأنها لا تنوب إلا عن "من" التبعيضية، ويشترط في نيابتها أن تشرب معنى لا يستفاد من "من"، وقد اجتمع الأمران في قوله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [سورة الإنسان آية: 6] ، وقول الشاعر:

الصفحة 331