كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

لا، قال: فكذلك، هو، روح غائب عن الأبصار.
وهذا الكلام الذي أورده السمنية على جهم، باطل مموه؛ وهؤلاء يقال لهم: السفسطائية، وأصل هذه الكلمة ومعناها: الحكمة المموهة. وحق الكلام أن يقال: ما لا يحس، ولا يمكن الإحساس به، لا يكون موجودا، فموهوا بأن ما لا يحسه هو، ويدركه بحواسه، لا يكون موجودا. فارتبك الغبي، ولم يفرق بين ما لا يمكن إحساسه، وما لا يدركه هو بحاسته، فأجاب بجوابه الفاسد المتقدم.
ولو هدي للعقل والنقل، لفرق بين العبارتين، وقال لهم: الله تعالى يمكن الإحساس به، فيرى يوم القيامة، ويسمع كلامه، وقد أدرك موسى كلامه بحاسة سمعه، وسمعته ملائكته وما شاء من خلقه؛ والإنسان يقر ضرورة بوجود أشياء لا يحس بها هو، مما يعرف بضرورة العقل، كوجود بعض الأماكن والأمم، بل وأصله الذي تكون منه، وهو مادته، لا يحس به هو، ولا ينكره عاقل، لكنه يمكن أن يحس به غيره.
فإحساس الإنسان نوع; وإمكان الإحساس نوع آخر؛ وبسبب عدم التفرقة، ضل جهم وشيعته; وجره الكلام المموه إلى الكفر البواح، والانسلاخ من الدين; فكيف يقول عاقل بقول لم يسبق إليه؟ ولا يصح له معنى، عند أهل العلم والإيمان؟ ويعتمد عبارة منطقية في مثل هذا

الصفحة 335