كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

الأكبر لم يسبقه إليه سابق، ولم يقل به من يعرف معنى الكلام؛ حتى المشركون يعرفون ويفهمون من هذه الكلمة إبطال آلهتهم، ونفي استحقاقها للعبادة، ولذلك قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} [سورة ص آية: 5] ، فعرفوا النفي، أنه من اللفظ، وعرفوا المعنى المقصود من الإله، وعرفوا المراد من الاستثناء، وكل هذا عرفوه بمجرد اللغة، وكونهم عربا؛ فجاء هذا الفارسي الذي لا يعرف لغتهم، ولا يحسن شيئا منها، فخبط خبط عشواء، وهرول ولكنه في ظلماء؛ شعرا:
ما كل داع بأهل أن يصاخ له ... كم قد أصم بنعي بعض من ناحا
وهذا القول: لم يسبقه إليه عاقل، يفهم ما يقول. والنحاة مجمعون على أن الاستثناء من المذكور، لفظه وحكمه، إلا أن السهيلي قال: لم يدخل المستثنى في المستثنى منه، بل الاستثناء أثبت حكما مستقلا مغايرا لما قبله، وقال بعضهم: الاستثناء أخرج من الحكم المذكور، لا من اللفظ. ومذهب الجمهور: أن الاستثناء من اللفظ والحكم معا، الاسم من الاسم، والحكم من الحكم، ومن الممتنع: إخراج الاسم المستثنى منه، مع دخوله تحته في الحكم، فإنه لا يعقل الإخراج حينئذ البتة، فإنه لو شاركه في حكمه، لدخل معه في الحكم والاسم جميعا، فكان استثناؤه غير معقول.
ورد أهل هذا القول: زعم من زعم أن المستثنى مسكوت عن حكمه قبل الاستثناء، نفيا وإثباتا، وأبطلوا ذلك

الصفحة 338