كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

من وجوه؛ منها: أنك إذا قلت: ما قام إلا زيد، وما ضربت إلا عمرا، ونحو ذلك من الاستثناءات المفرغة، لم يشك السامع أن الأحكام المذكورة أثبتت لما بعد "إلا" كما سلبت عن غيره؛ ولو قيل إنه مسكوت عنه، لما أفهم إثبات هذه الأفعال لما بعد "إلا".
ومنها: أنه لو كان مسكوتا عنه لم يدخل الرجل في الإسلام بقول: لا إله إلا الله، لأنه على هذا التقدير الباطل، لم يثبت الإلهية لله. فهذه أعظم كلمة تضمنت بالوضع نفي الإلهية عما سوى الله، وإثباتها لله بوصف الاختصاص؛ فدلالتها على إثبات الإلهية أعظم من دلالة قولنا: الله إله، ولا يستريب أحد في هذا البتة انتهى ملخصا.
وهو يبطل كلام الفارسي، ويبين جهله من وجوه:
فالأول: إجماعهم على أن الاستثناء باللفظ، والإخراج باللفظ، خلافا له.
والثاني: أنهم متفقون على مغايرة إلا لما قبلها في الحكم واللفظ.
ومنها: اتفاقهم على سلب الحكم عما قبل "إلا" وإثباته لما بعدها، فتأمل؛ ثم أتى بطامة أخرى، كأخواتها، فقال: إنه لا حاجة إلى تقدير في الخبر، بل يقدر من الأفعال العامة، كالوجود، والإمكان، وهذا مبني على أساسه الفاسد، الواهي، وهو قوله: إن "إله" يستعمل ويراد به: الإله الحق، في الكلمة الطيبة، فكونه حقا، يستفاد عنده من اسم "لا" وهو: إله، فلا حاجة إلى أن يجعل الخبر حقا، وكل من تصور المعنى المراد أي تصور، يعرف أن

الصفحة 339