كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 2)

إليه في القيود. وكان بطوس في بعض غزواته، فدعا الله أحمد بن حنبل أن لا يريه إياه، فمات المأمون قبل وصولهم، فردوا إلى بغداد. ثم امتحنهم أخوه المعتصم وابنه الواثق، وجرى على الإسلام والقرآن أعظم محنة من العناية بمنطق اليونان، حتى ضرب أحمد بن حنبل بالسياط، وقتل أحمد بن نصر، وبعض العلماء شرد، وهاجر.
فلما تولى أمير المؤمنين أبو جعفر المتوكل رفع المحنة، ونشر السنة، وأمر بلعن الجهمية على المنابر، وقرب الإمام أحمد وأكرمه، وأخذ برأيه، ورفع شأن السنة والقرآن، فهو الذي هدم مشهد الحسين، وما عليه من البناء الذي أحدثه الناس، فجزاه الله عن الإسلام وأهله خيرا.
فتأمل ما جرّ المنطق على أهله من البلايا والمحن، وما أوقعهم فيه من التعطيل والريب والفتن; فكيف يستجيز من له أدنى عقل أو دين، أن يقرأ كتب المنطق وعلوم اليونان؟! ويدع الاشتغال بعلوم السنة والقرآن؟! وهل هذا إلا زيغ في القلوب؛ ومثل هذا لا يوفق لطلب العلم، من كتاب الله وفهمه؛ قال ابن عيينة، في قوله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [سورة الأعراف آية: 146] أي: عن فهم القرآن.
فأي ذريعة وأي وسيلة إلى ترك كتاب الله، وسنة نبيه، ومعرفته وتوحيده، أضر وأقرب من المنطق، والأخذ عن أهله، وخلط دين الله به; فنسأل الله الثبات على دينه،

الصفحة 344