كتاب فوات الوفيات (اسم الجزء: 2)

وأزلت الوقار والنسك حتى ... لا أبالي بما إليه أصير
ودعاني داعي التصابي فلبي؟ ... ت ونادى فلم اجبه النذير
وحداني على الخلاعة علمي ... أن ربي لكل ذنب غفور
فلذا كل حانةٍ أنا ثاوٍ ... يزدهيني بم هناك وزير
راكعاً ساجداً إلى بيت حانٍ ... لا صلاة فيه ولا تكبير
هاتفاً في الصباح حي على الرا ... ح وقد قام للفلاح بشير
قهوة كالحياة في كل يومٍ ... لي موت بكاسها ونشور
كم نعتني القيان بين رياضٍ ... أنا فيهن ملحد مقبور
أنستني الولدان فيها إذا ما ... أوحش الميت منكر ونكير
وإذا أرهق الزمان بنيه ... وغدا الخطب وهو صعب عسير
فيغازي ابن يوسف الملك (1) الظا ... هر من جور صرفه أستجير (2) وقال أيضاً:
ماء الجمال بوجهه مذ أشرقا ... كم ناظرٍ بدموعه قد أشرقا
رشأ يفوق عن قسي حواجب ... نبلاً بغير مقاتلي لا يتقى
ثمل المعاطف لم يزر قباؤه ... إلا على مثل القضيب وأرشقا
أنا من تمادى هجره في مأتمٍ ... فاعجب لخدي بالدموع تخلقا (3)
كالبدر يسري في نجوم قلائد ... متبلجاً من فوق غصنٍ في نقا
لم يكف ضعف الخصر عن أردافه ... حتى اغتدى بعيوننا متمنطقا
أجرى على عاداته دمعي ولو ... كشف الظلامة رد ذاك المطلقا
__________
(1) ص: المال.
(2) هو صاحب حلب أبو الفتح وأبو منصور غازي السلطان صلاح الدين؛ كان ملكاً مهيباً متيقظاً كثير الإطلاع على أحوال رعيته، توفي سنة 623 (ابن خلكان 4: 6 وفي الحاشية ذكر لمصادر ترجمته وذكر لمصادر أخرى في الملحقات 7: 325)
(3) يشير إلى أن الذي في مأتم لا يستعمل خلوقاً، لأن الخلوق للزينة.

الصفحة 10