كتاب الأشباه والنظائر - السبكي (اسم الجزء: 2)

وهذه القاعدة ذكرها الوالد رحمه الله استطرادًا في كتاب اعتراض الشرط على الشرط. وقد يعترض عليها بما إذا قال: إن مت فأنت حر بعد موتي بشهر؛ فإن حكم التعليق لا ينقطع بالموت بل يتوقف العتق على انقضاء الشهر، وكذا إذا قال إن مت فأنت حر إن شئت، الصحيح يوقف العتق على مشيئة العبد بعد موت مولاه.
أصل قاطع ١:
لا يجوز عقلًا اجتماع علتين على معلول واحد. وهذا الأصل مهدنًا له في شرح المختصر، وناضلنا عنه وادعينا قيام القاطع عليه، وحكمنا عليه بأن مخالفه محجوج ببراهين العقول، ونزلنا عليه من الفروع الفقهية، ما يرتفع عن همم الزمان. وحظ هذا الكتاب أن يقول: "هذه قاعدة مضطردة منعكسة لا سبيل إلى انتقضاها بشيء من الصور سواء عرفت هذه العلة بالمؤثر أم بالعرف أم بالباعث، وكلام العقلاء في جميع العلوم من المتكلمين والأصوليين والنحاة والفقهاء متطابق على هذا، وما هي عندي إلا قاعدة كامنة في أفئدة العقلاء.
أما المتكلمون فواضح تطابق آرائهم عليها.
وأما النحاة؛ فلو عددت لك ما يدل على ذلك لأكثرت وخرجت عن مسائل الفقه، ويكفيك قولهم: "لا يجتمع عاملات على معمول واحد".
وأما الفقهاء فقد أكثرت في شرح المختصر من كلامهم، وسأتحفك هنا بمقدار نافع.
وأما الأصوليون، فاختلافهم فيه إنما نجده عند نظرهم في المسألة بخصوصها ثم إذا خاضوا بعيدًا عنها وجدت أفئدتهم تحوم حول المنع.
فإن قلت: فقد وضح اختلافهم الشديد فيها وأكثر المتأخرين -منهم- على الجواز.
قلت: [علم] ٢ أنه رب قاعدة مستقرة في الأذهان، غائبة عند المناظرة عليها عن العيانن بل يحاول الإنسان -إذ ذاك، دليلًا عليها فلا يجده، فيجنح، إلى إنكارها، وحسه وعقله يكذبانه ولو أعطي التأمل حقه ورزق من التوفيق ما يؤيده لوجد الدليل، على ما هو مركوز في طباعه إذا كان حقًا، أو لحما الله ذلك من قبله إذا كان باطلًا.
---------------
١ هذا الأصل سقط من ب.
٢ سقط من "ب".

الصفحة 37