كتاب الأشباه والنظائر - السبكي (اسم الجزء: 2)

ولست بالمطيل هنا في الكلام على ذلك بعد ما أطلت في الشرح والعرض الآن، إنه لا يوجد، وصفان -فصاعدًا- يحسن أن يضاف الحكم إلى كل منهما لو انفرد إلا والحال إذا ذاك على وجهين.
أحدهما:
أن يتعاقبا: وحينئذ فقد يضاف الحكم إلى الول منهما كما في السببين إذا اجتمعا؛ فقد قال الأصحاب في الجراح: "يعول على الأول منهما". وتكلمنا على ذلك في قاعدة الأسباب.
ونظيره في العبادات أنا نقول: من أحدث ثم أحدث حدثًا على حدث لم يتخللهما طهارة أن الحديث الثاني لم يفعل شيئًا.
ويظهر أثر ذلك -إذا فرعنا على القديم في أن سبق الحدث لا يبطل الصلاة، أنه لو أخرج باقي الحدث عمدًا لم تبطل صلاته؛ بخلاف ما لو ابتدأ عمدًا حدثًا ثانيًا فإنها تبطل على الصحيح فيهما في تفاريع القديم.
وقد يضاف إلى الثاني فقط كما في اجتماع السبب والمباشرة وقد يضاف إلى أخيلهما وأنسبهما سواء كان الأول أو الثاني.
فعلى التقارير كلها لا يضاف إليهما جميعًا، ولئن أضيف إليهما جميعًا فالإضافة إلى المجموع منهما، وكل منهما جزء غلة لا علة مستقلة، فلا اجتماع لعلتين على معلول واحد.
ولئن أضيف إلى كل منهما على سبيل الاستقلال ولن ترى ذلك إن شاء الله في صورة من الصور عن إمام من أئمة الهدى، فالصادر حكمان لا حكم واحد، كل مضاف إلى علته؛ فلا اجتماع لعلتين على معلول واحد
الوجه الثاني:
أنه يوجد الوصفان معًا -وهو غمرة هذا البحر وموضع التحقيق من هذه المسألة- فإما أن يبطل علمهما بالكلية، أو يعمل أنسبهما وأخيلهما إن كان فيهما أنسب وأخيل أو يعمل واحد منهما لا بعينه أو يعمل مجموعهما، أو يعمل كل منهما، ولكن يكون الناشئ حكمان لا حكم واحد.
فهذه خمس طرق لا سادس لها، وليس في شيء منها إعمال علتين مستقلتين؛ بل إما [لا أعمال] ١ فلا حكم فرارًا من العمل بعلتين، وإما إعمال ولكن حكمان فلا يعود
---------------
١ في ب الإعمال.

الصفحة 38