كتاب الأشباه والنظائر - السبكي (اسم الجزء: 2)

وإذا صححنا الدور فهو مانع من وقوع الطلاق معلقًا ومنجزًا؛ لأنه يؤدي إثباته إلى نفيه. ثم اندفع في نحو ما ذكره، هنا- من الفرق بين اتحاد الزمان وتعدده وتراخي أحد التعليقين عن الآخر، واتساع القبيلة.
وذكرها أيضًا -في كتاب النكاح ونسبها إلى ابن دقيق العيد نفسه، ولم يزد في تعقبه على أن قال: "وفيما قاله نظر لأنا نمنع صحة التعليق الثاني إذا صححنا الأول؛ وإنما يكون الطلاق لازمًا للنقيضين إذا علقه على كل منهما بكلمة واحدة "انتهى".
وحاصله: أن ما قاله الشيخ تقي الدين لا يندفع به الدور؛ لأنه لو وقع الطلاق بما أخذ به من التعليق لزم وقوع الثلاث قبله بالتعليق الأول، ومتى وقعت لم يقع بالثاني شيء، فالدور باق بحاله، بخلاف ما لو جمع بكلمة واحدة فقال: إن طلقتك فوقع عليك طلاقي أو لم يقع؛ فأنت طالق فإنه يقع، ولا يمكن أن يقال فيه: إنه لو وقع لوقع قبله". لما قرره، ثم قال: إن الحكم بالوقوع فيما فرضه هو، ليس لكون الطلاق معلقًا بالنقيضين؛ بل لأجل التعليق بالعدم، حتى لو تجرد التعليق بالعدم فقال: إن طلقتك فلم يقع فأنت طالق ثلاثًا وقع الثلاث.
هذا وجه كلامه ذكرته لتعقده على بعض الناس وليس بعده في النفاسة شيء.
وقد وقفت على كلام لبعض الناس حسبته هو الأمر المستسهل عند الشيخ الإمام، وما وراءه لا يستحق أن يذكر؛ فلم أحب أن أذكره، ففي كلام الوالد كفاية، ثم قلت: لا بأس بذكره ليستفاد. قال الشيخ [الإمام] ١ برهان الدين بن الفركاح -في الجواب عما ذكره ابن دقيق العيد بعد الاعتراف بأنه دار بين الفقهاء ولم يذكر فيه شيء مفيد، لا نسلم أن التعليق الأول مقتضاه وقوع القبلي، وكيف يكون ذلك مقتضاه وهو مستحيل؛ فإنه لو وقع القبلي لم يقع المنجز، وحينئذ يكون قد وقع المعلق بدون وجود المعلق عليه، فوقوع المنجز يستلزم عدم وقوع القبلي لا وقوعه.
فإن قلت: لفظ التعليق اقتضى ما ذكرناه من استدعاء [وقوع المنجز لعدم] ٢ وقوع القبلي.
قلت لا وذلك لأن "هذا" العكس إنما هو كلام تقدير تصحيح الدور، ومتى قلنا
---------------
١ سقط في "ب".
٢ سقط في "ب".

الصفحة 73