كتاب الأشباه والنظائر - السبكي (اسم الجزء: 2)

فقال أبو علي الجبائي١: لا يشترط أن يكون المفعول فيه غير قادر على مدافعة الفاعل. وقال ابنه أبو هاشم٢: "بل يشترط ذلك".
إذا عرفت هذا فقد اتفقوا على أن الملجأ قادر على ما ألجئ إليه، وأنه لم يفعل غيره فيه فعلًا، لا خلاف بين الأشعرية والمعتزلة في ذلك. وإن اختلفت عباراتهم في تعريفه بما هو مذكور في كتب المتكلمين.
فالملجأ دون المضطر المعتزلة، ومثله عند الأشاعرة، ودونهما المكره المذكور في كتب الفقهاء.
وعلى هذه الأصول من عدم اختياره بالكلية وصار كالآلة المحضة فلا يتعلق به إثم، وهو المضطر عند المعتزلة كمن شد وثاقه وألقى على شخص فقتله بثقله، أو كان على دابة فمات وسقط على شيء فإنه لايضمن، وليس كالمكره، ولا كالمضطر.
ومن مسائل القاعدة:
المضطر لأكل الميتة يجب عليه أكلها على الصحيح، وفي وجه لا يجب، وقد يوجه بأصول المعتزلة فيقال: "لا فعل للمضطر ولا اختيار حتى يتعلق به إيجاب ويكتفي بضرورة الداعية عنده.
وقد أورد بعضهم على تعريف القاضي متناول الميتة حالة المخمصة فإنه مضطر بنص الكتاب. ولا ضرر عليه في تناولها. وهو إيراد منقدح عندي، وإن كان بعض المعنيين بالقاضي. قال:
---------------
١ محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي أبو علي من أئمة المعتزلة ورئيس علماء الكلام في عصره وإليه نسبة الطائفة الجبائية له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب نسبته إلى حبى من قرى البصرة اشتهر في البصرة ودفن بجبى سنة ثلاث وثلاثمائة.
له تفسير حافل مطول رد عليه الأشعري.
وفيات الأعيان ١/ ٤١٨٠، البداية والنهاية ١١/ ١٢٥، مفتاح السعادة ٢/ ٣٥، الأعلام للزركلي ٦/ ٢٥٦.
٢ عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي من أبناء أبان مولى عثمان عالم بعلم الكلام من كبار المعتزلة له آراء انفرد به وتبعته فرقة سميت بالهاشمية نسبة إلى كنيته أبي هاشم وله مصنفات الشامل في الفقه وتذكرة العالم والعدة في أصول الفقه، وتوفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
وفيات الأعيان ١/ ٢٩٢، البداية والنهاية ١١/ ١٧٦، تاريخ بغداد ١١/ ٥٥، الأعلام ٤/ ٧.

الصفحة 8