كتاب الأشباه والنظائر - السبكي (اسم الجزء: 2)

إن كان المضطر نفسه تائقة للميتة فما خلا أكله عن ضرر، وإلا فلا أسلم تسميته بالمضطر. فهذا عندي ضعيف، فإنه مضطر بوضع اللسان ونص الكتاب وشهادة الحس وإن لم يكن [تائقًا] ١.
وهذه القاعدة إذا ضم إلى فروعها فروع الإكراه تكاثرت جدًاز
والقول الفصل: إن الإكراه لا ينافي التكليف. ولذلك يأثم المكره على القتل بالإجماع، ويجب عليه القصاص على الأصح.
وأما المضطر، فلا ريب أنه عند المعتزلة غير مكلف لانتفاء الفعل منه، وأما عندنا فإنه مكلف، ثم ناحية التكليف فيه وفي المكره قررناها في كتابنا "جمع الجوامع" وفيما علقنا عليه من شرح إشكالاته المسمى "منع الموانع" فلا نعيده. غير أني صححت في "جمع الجوامع" امتناع تكليف المكره كالملجأ والغافل والمختار عندي الآن. الجريان مع الجماعة الأشعرية على أنه يجوز تكليفه. وإن كان غير واقع. لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ٢.
---------------
١ في ب سقط.
٢ قال السخاوي في المقاصد ص ٢٢٨، حديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وقع بهذا اللفظ في كتب كثيرين من الفقهاء والأصوليين حتى إنه وقع كذلك في ثلاثة أماكن من الشرح الكبيرن وقال غير واحد من مخرجه وغيرهم: إنه لم يظفر به، ولكن قد قال محمد بن نصر المروزي في باب طلاق المكره من كتاب الاختلاف، يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان، وما أكرهوا؛ غير أنه لم يسق له إسنادًا ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان: وابن عدي في الكامل من حديث ابن فرقد، عن أبيه عن الحسن عن ابي بكرة مرفوعًا بلفظ: رفع الله عن هذه الأمة ثلاثًا: الخطأ والنسيان، والأمر يكرهون عليهن جعفر وأبوه ضعيفان، لكن له شاهد جيد أخرجه أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي المعروف بأخي عاصم في فوائده، عن الحسن بن أحمد أو الحسين بن محمد على ما يحرر، وكلاهما ثقة عن محمد بن المصفى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس بلفظ: رفع الله والباقي كلفظ الترجمة ورواه ابن ماجه وابن أبي عاصم ومن طريقه الضياء في المختارة كلاهما عن محمد بن المصفى به لكن بلفظ: وضع بدل رفع ورجاله ثقات، ولذا صححه ابن حبان ورواه البيهقي وغيره إلا أنه فيه تسوية الوليد فقد رواه بثر بن بكر عن الأوزاعي فأدخل بين عطاء وابن عباس عبيد بن عمير أخرجه الطبراني والدارقطني والحاكم في صحيحه من طريقه بلفظ: تجاوز بدل وضع، قال البيهقي: جوده بشر بن بكر، وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن الأوزاعي يعني مجودًا إلا بشر تفرد به الربيع بن سليمان وله طرق عن ابن عباس، =

الصفحة 9