كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (اسم الجزء: 2)

من صقلية ما كنا ذكرنا من مكاتبة المصريين لصاحب صقلية (¬1) وغيرهم من الفرنج ليقصدوا الديار المصرية، فسيّر صاحب صقلية هذا الأسطول، ولم يعلم أن صلاح الدين قبض على الذين كاتبوه، ولما وصل هذا الأسطول وكان وصوله بغتة فحمى (¬2) أهل الثغر البر عليهم، ثم أشير عليهم أن يقربوا من السور ففعلوا، فأمكن الأسطول النزول، فاستنزلوا خيلهم من الطرايد (¬3) وراجلهم
¬_________
(¬1) هذه الجملة ذيل للمؤامرة التي اشترك فيها المصريون والفرنج لإعادة الدولة الفاطمية وكان من رؤوس المتآمرين فيها عمارة اليمنى، أنظر (الجزء الأول من هذا الكتاب، ص 243 - 259). وكان صاحب صقلية في هذه السنة هو وليام الثانى (William II) ابن وليام الأول بن روجر الأول (Roger I) وهذا الأخير هو مؤسس مملكة النور مانديين في صقلية سنة 1103 م، والكتب العربية تسمى هذا الحاكم: " غليالم بن رجار متملك صقلية "، ولم يكن غليالم هذا قد علم بفشل المؤامرة والقبض على المتآمرين، فأرسل حملته هذه التي منيت بالفشل. وللالمام بأخبار هذه الحملة وتفاصيلها أنظر: (Camb .Med .Hist .Vol .V,pp .184 - 207) و (LANE - POOLE : Suladin, P. 127)
و (المقريزى: السلوك، ج 1، ص 55 - 57) و (ابن كثير: البداية والنهاية، ج 12، ص 287) و (ابن الأثير: الكامل، ج 11، ص 155 - 156) و (RUNCIMAN : History of the Crusades .vol .I, P. 403) و (الشيال: الاسكندرية، طبوغرافية المدنية وتطوردا، ص 221) و (أبو شامة: الروضتين، ج 1، ص 234 - 235).
(¬2) الأصل: " حمى " والتصحيح عن نص العماد في (الروضتين، ج 1، ص 234).
(¬3) الطريدة - ويقال الطّرّاد أو الطرادة، أو التطريدة - والجمع: طرايد وطرائد، قال (ابن مماتى: قوانين الدواوين، طبعة الدكتور عطية، ص 339،) عند التعريف بها: " هى سفينة برسم حمل الخيل، وأكثر ما يحمل فيها أربعون فرسا "، والنص في المتن هنا يؤكد هذا المعنى بل ويثبت أن الحمولة العادية للطريدة من الخيل تتفق وما ذكره ابن مماتى، وقال (صاحب تاج العروس) " الطراد - ككتان - سفينة صغيرة سريعة السير والجرى، والعامة تقول تطريدة "، وقال: (Dozy Supp .Diet .Arab) هى نوع من المراكب الحربية أكثر شبها باليرميل الهائل من السفينة، وكانت تستعمل في حمل الخيول والفرسان، وأكثر ما يحمل فيها أربعون فرسا؛ وفى تاريخنا هذا - مفرج الكروب - في حوادث سنة 660 هـ‍ ما يثبت أن الطريدة كانت تستعمل أحيانا لركوب الناس، فقد ذكر أن بيبرس أرسل في تلك السنة سفارة إلى ملك التتار بركة خان عن طريق البحر المتوسط والإمبراطورية البيزنطية " وركبهم في الطرايد، وأعطاهم زرادة شهور كثيرة "، وقد استعمل الأوربيون في العصور الوسطى هذا النوع من السفن، واشتقوا اسمه عن العربية نسموه في الأسبانية " Tarida " وفى الإيطالية " Tartana " وفى الفرنسية " Tartane " وفى الإنجليزية. " Tartan " أنظر أيضا (KINDERMANN : op .cit .pp .56 - 59) ؛ ومخطوطتنا (معجم السفن العربية).

الصفحة 12