كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (اسم الجزء: 2)

بئرا (¬1) ينزل فيه بالدرجة المنحوتة من الجبل إلى الماء المعين، ولم يتأت هذا بتمامه إلا بعد موت السلطان، فإنه توفى وقد بقى من السور مواضع.
وبعد ذلك كمّله السلطان الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل - رحمهما الله -[وأنشأ] العمارات بالقلعة، ربنى الآدر السلطانية، وسكنها، ولم يسكنها أحد قبله من أهل بيته (¬2) وإنما كان سكناهم بدار الوزارة (¬3)، ثم استمرت السكنى للملوك بالقلعة إلى يومنا هذا.
وأمر السلطان الملك الناصر ببناء المدرسة (¬4) التي عند قبر الإمام الشافعى -
¬_________
(¬1) هذه البئر لا تزال موجودة في القلعة وتعرف ببئر يوسف، وقد وصفها ابن تغرى بردى - نقلا عن ابن عبد الظاهر - (النجوم، ج 4، ص 40) بقوله: «وحفر البئر التي بقلعة الجبل أسارى الفرنج، وكانوا ألوفا، وهذه البئر من عجائب الأبنية، تدور البقر من أعلاها وتنقل الماء من نقالة في وسطها، وتدور أبقار في وسطها تنقل الماء من أسفلها، ولها طريق إلى الماء تنزل البئر إلى معينها في مجاز، وجميع ذلك حجر منحوت ليس فيه بناء، وقيل إن أرض هذه البئر مسامتة لأرض بركة الفيل وماؤها عذب، سمعت من يحكى عن المشايخ أنها لما حفرت جاء ماؤها حلوا، فأراد قراقوش الزيادة في مائها فوسعها، فخرجت منها عين مالحة غيرت حلاوتها».
(¬2) بدأ صلاح الدين في إنشاء قلعة الجبل سنة 572 هـ‍ وكان يقيم بها بعض الأيام، وسكنها ابنه الملك العزيز عثمان في أيام أبيه مدة، ثم انتقل منها إلى دار الوزارة. وقد تم بناء القلعة في سنة 604 هـ‍ في عهد الملك الكامل محمد الذى انتقل إليها واتخذها دار ملك، وظلت كذلك إلى عهد الخديو إسماعيل حيث نقلت منها دواوين الحكم إلى دور أخرى في قلب القاهرة. انظر: (المقريزى: الخطط، ج 2 ص 330 - 336) وتعليقات محمد رمزى (النجوم الزاهرة: ج 6، ص 54، هامش 1).
(¬3) انظر: (المقريزى: الخطط، ج 2، ص 301 - 304) و (مفرج الكروب، ج 1 ص 164، هامش 1).
(¬4) المعروف أن هذه المدرسة بدئ في بنائها سنة 572 هـ‍ ولكن الرحالة ابن جبير زار مصر سنة 578 هـ‍ وشاهد هذه المدرسة وهى لا تزال في دور البناء والتأسيس ووصفها في رحلته (ص 48) بأنها " مدرسة لم يعمر بهذه البلاد مثلها، لا أوسع مساحة ولا أحفل بناء، يخيل لمن يتطوف عليها أنها بلد مستقل بذاته، بازائها الحمام، إلى غير ذلك من مرافقها، والبناء فيها حتى الساعة، والنفقة عليها لا تحصى، تولى ذلك بنفسه الشيخ الإمام الزاهد العالم المعروف بنجم الدين الخبوشانى، وسلطان هذه الجهات صلاح الدين يسمح له بذلك كله، ويقول: زد احتفالا وتأنقا وعلينا القيام بمؤونة ذلك كله " =

الصفحة 54