كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

وتوجه بشتاك إلى مصر ومعه من ماله ما يذكر، وهو ذهب عين ثلاث مئة ألف وستة وثلاثون ألف دينار، ودراهم ألف ألف وخمس مئة ألف درهم، وجواهر بلخش أحجار مثمنة، وقطع غريبة، ولؤلؤ غريب الحب، وزركش طرز وكلوتات وحوائص ذهب بحامات مرصعة، وأطلس وغيره من القماش ما كان جملته ثمان مئة حمل.
وأقام بعد الأمير سيف الدين برسبغا، وتوجه بعدما استخلص من الناس ومن بقايا أموال تنكز وحواصله وبيوته أربعون ألف دينار وألف ألف درهم ومئة ألف درهم، وأخذ مماليكه وجواريه وخيله الثمينة إلى مصر.
وأما هو رحمه الله تعالى فإنه لما وصل إلى القاهرة أمر السلطان جميع الأمراء والمماليك أن يقعدوا له في الطرقات من جوا باب القلعة، وأن لا يقوم له أحد تقع عينه عليه، ولم يستحضره بل كان الأمير سيف الدين قوصون يتردد إليه في الرسلية، وهو بنفس قوية ونفس عظيم، لا يخضع ولا يخشع، وقال له مع قوصون: قال لك السلطان أبصر من تختاره يكون وصيك، فقال: قل له: والله خدمتك ونصحك ما تركت لي صاحباً أثق به ولا أتحول عليه، فمالي أحد أوصي له، فاستشار الأمراء في أمره، فقال له الأمير قوصون: يا خوند، هذا دعه أميراً هنا يركب وينزل في الخدمة. وقال الجاولي: يا خوند، هذا لا تفرط فيه تندم، وما يفوتك منه أمر ترومه. فأمر بتجهيزه إلى إسكندرية ومعه المقدم إبراهيم بن صابر، فأقام بها معتقلاً دون الشهر، وقضى الله فيه أمره، وصلي عليه بالإسكندرية. يقال إن ابن صابر توجه إليه إلى الإسكندرية وكان ذلك آخر العهد به، وأظلم الوجود، وزال أنسه بسببه.

الصفحة 126