كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

واستوحشت، وتوحش يلبغا نائب الشام، وجرى له ما جرى، يأتي ذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى.
وكان الذي فعل ذلك كله ودبره وأشار به وفعله شجاع الدين أغرلو مشد الدواوين، على ما تقدم في ترجمته، فأمسكه وفتك به بعد أربعين يوماً بمواطأة مع الأمير سيف الدين الجيبغا الخاصكي المقدم ذكره، ومع غيره. وكان قد فرق مماليك السلطان وأخرجهم إلى الشام وإلى الوجه البحري والقبلي بعدما قتل بيدمر البدري، والوزير نجم الدين طغاي تمر الدوادار، قبل الفتك بأغرلو، وهؤلاء الأمراء الذين قتلهم كانوا بقية الدولة الناصرية وكبارها ولهم المعروف، فزاد توحش الناس منه، وركب الأمير سيف الدين أرقطاي النائب بمصر وغالب الأمراء والخاصكية إلى قبة النصر. فجاءه الخبر فركب في من بقي عنده بالقلعة، وهم معه في الظاهر دون الباطن، فلما تراءى الجمعان ساق بنفسه إليهم، فجاء إليه الأمير سيف الدين بيبغاروس أمير مجلس وطعنه فقلبه إلى الأرض، وضربه الأمير سيف الدين طان يرق بالطبر من خلفه، فجرح وجهه وأصابعه، وكتفوه وأحضروه إلى الأمير سيف الدين أرقطاي ليقتله، فلما رآه نزل وترجل ورمى عليه قباءه، وقال: أعوذ بالله، هذا سلطان، ما أقتله، فأخذوه ودخلوا به إلى تربة كانت هناك وقضى الله أمره فيه في التاريخ المذكور.
ثم إن الأمراء بالقاهرة اجتمعوا وكتبوا إلى نائب الشام الأمير سيف الدين أرغون شاه يعرفونه القضية ويطلبون منه ومن أمراء الشام من يصلح للسلطنة، وجهزوا الكتاب على يد الأمير سيف الدين أسنبغا المحمودي السلاح دار. وكان ذلك ثاني عشر شهر رمضان بكرة الأحد.

الصفحة 178