كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

بلونه مداده وأقلامه، ولكن كان حر النفس أبيها، سليم الطوية غبيها، لا يكذب لسانه، ولا يطوي الغل جنانه.
ولم يزل على حاله إلى أن صادته مخالب المنيه، وعدم الناس فواكه نظمه الجنيه.
وتوفي رحمه الله تعالى في ليلة الخميس حادي عشر شهر رجب الفرد، سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة.
ومولده سنة ست وسبع مئة.
ودخل الديوان في سنة ثمان وأربعين وسبع مئة، وكان قد وضع رسالة أنشأها نظماً ونثراً وسمها ب قريض القرين، عارض بها ابن شهيد في رسالة التوابع والزوابع.
وغالب نظمه أنشدني إياه بصفد ودمشق والقاهرة، كتب إلي بالقاهرة:
ليل التجنّب من أجفاننا شهبه ... ومجدب الدمع ما كانت دما سحبه
ما لننوى أطلعت في غارب قمراً ... يقلّه البان يوم البين لا غربه
تنظّمت عبراتي في ترائبه ... عقداً كما انتثرت في وجنتي سحبه
يا من وفى الدمع إذ خان الوداد له ... غدر الحبيب وفاء الدمع أو سببه
قد كنت أحسب صبري لا يذمّ وقد ... مضى وفي ذمّة الأشواق أحنسبه
يا نازحاً سكن القلب الخفق ومن ... إحدى العجائب نائي الوصل مقتربه
ما لاح برق ولا ناحت مطوّقةٌ ... ولا تناوح من باب الحمى عذبه
إلاّ تساعد قلبي والدموع وأحنا ... ء الضلوع على شوقٍ علا لهبه

الصفحة 215