كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

قد أتعبت راحتاه الكاتبين ولم ... يدركه حين جرى نحو العلى طربه
فاعجب لها راحةً تسقي اليراع ندىً ... إذا لم تكن أورقت في ظلها قضبه
تناسب الدرّ من ألفاظها وإلى ... بحر النّدا لا إلى بحر الدنا نسبه
يرضى ويغضب في حالي ندىً وردىً ... وبين هذين منهول الحمى نشبه
رضاه للطّالي جدواه ثمّ على ... ما تحتوي يده من ماله غضبه
فكتبت أنا إليه أشكره:
أغصن قدٍّ أقلّت بانه كثبه ... أم درّ ثغر حبيبٍ زانه شنبه
أم روض حزنٍ جديد النبت قد نسمت ... فيه أقاحيه لما أن بكت سحبه
أم جانب الأفق قد دجّت حنادسه ... للعين لمّا ازدهت في لمعها شهبه
أم نبت فكرٍ جلاها لي أخو أدبٍ ... خطابه زان جيد الدّهر أو خطبه
قريضه تعرفّ الأسماع جوهره ... فتنتقي حليها منه وتنتخبه
فلو همى الشعر قطراً قبله لغدا ... يروي الربا منه هامي الغيث منسكبه
ونثره لم يداخل مسمعي أحدٍ ... إلاّ ورنّح منه عطفه طربه
وخطّه مثل صدغ زرّقته يد ال ... حسن البديع وقاني الخدّ ملتهبه
لوصفه شهدة بالحسن قد شهدت ... وقد تبّرأ من ياقوته نسبه
ولابن مقلة عين ما رأت حسناً ... هذا ولو عاينته ما انقضى عجبه
هذا هو البدر لا النجم البصيص فقد ... مدّت على ابن هلالٍ في العلا طنبه

الصفحة 217