كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

وقد تراجع فيك الدهر وانقطعت ... عصابة الجور عمّا فيك وانخزلت
فاصبر فما الصبر إلاّ شيمة كرمت ... وما التجلّد إلا رتبة نبلت
والله يبقيك في خيرٍ وفي دعةٍ ... ما حركّ الغصن أعطافاً قد انفتلت
وكتبت إليه:
وفى لها الحسن طوعاً بالذي اقترحت ... فلو رأتها بدور التمّ لافتضحت
كأنما البدر في ليل الذوائب قد ... تقلّدت بالنجوم الزهر واتّشحت
صحّت على سقمٍ أجفانها وكذا ... أعطافها وهي سكرى بالشباب صحت
تفري حشاي وتغنيها لواحظها ... ما ضرّ تلك الصفاح البيض لو صفحت
مهاة حسنٍ أداريها إذا نفرت ... عنّي وأعطفها بالعتب إن جمحت
قد حار في وصف أغزالي العذول بها ... وقال كيف حلت في غادة ملحت
بذلت في وصلها روحي فقد خسرت ... تجارة الحب في روحي وما ربحت
زارت لتمنحني من وصلها منناً ... أهلاً بها وبما منّت وما منحت
أقسمت ما سجعت ورق الحمائم في ... روضٍ على مثل عطفيها ولا صدحت
وكلّما اعتدلت بالميل قامتها ... رأيتها فوق حسن الغصن قد رجحت
وما اكتسى خدّها من لؤلؤٍ عرقاً ... لكنّها وردةٌ بالطلّ قد رشحت
ولي أمانيّ نفسٍ طالما كذبت ... فيها ولو جنحت نحو الوفا نجحت
وربّ ليلٍ خفيف الغيم أنجمه ... أزاهرٌ قد طغت في لجةٍ طفحت
يتلو الهلال الثريّا في مطالعها ... كأنّه شفة للكاس قد فتحت
وللنسيم رسالاتٌ مردّدة ... وجمرة البرق في فحم الدجى قدحت
والزهر قد أوقدت منه مجامره ... فكلما لفحت ريح الصبا نفحت

الصفحة 23